في يوم ذكرى الإبادة، يسعى الشركس لاستعادة حقوقهم المنسية

 بقلم: عادل بشقوي21 مايو - أيار 2021 

لم يكن الحفاظ على الهوية القومية ولا المطالبة باستعادة الحقوق المشروعة دعوة للعنف او للتعدي على الآخرين. فرغم الجرائم ونتائج الحرب الروسية-الشركسية التي كُشف النقاب عنها من مصادر مختلفة منذ انتهاء حرب الإبادة وحتى الآن. إن تواجد 90٪ من الأمة الشركسية في هذا الشتات العالمي الواسع، لم يثنيها عن التمسك بلغة العقل كمنهج اختطته ولا تزال للمطالبة باستعادة الحقوق المشروعة التي تعرضت للمصادرة. 

ولا بد من إزالة كل تداعيات هذا الكابوس المقيت الذي لا بد وان يزول في نهاية المطاف، وتتمكن هذه الامة من التغلب على المعاناة التي ما زالت هي الطابع الغالب عليها، جراء التهجير والتغريب والمعاناة والتآمر والتضييق والانصهار العرقي واللغوي والثقافي وسياسات تزييف التاريخ الشركسي جملة وتفصيلا. فعلى ضوء التطورات التي حدثت خلال السنوات الماضية وضرورة التعامل معها إيجابيا وفق تموضع عقلاني، والتطلع الى المستقبل بثقة، فإن المطلوب عند احياء يوم الذكرى هو حرية إبداء الرأي والثبات على الحق واستخدام الادوات الفاعلة للتمكن من تحديد خيار التصرف واتخاذ القرار الصائب بناء على الحقائق وتداعيات حرب الابادة من اجل تشكيل واتباع استراتيجيات مناسبة تؤدى الى الوصول الى اهداف محددة. وكما قال ونستون تشرشل: ”الأمة التي تنسى ماضيها ليس لها مستقبل“. 

إن توق بعض الجهات اعطاء الانطباع للمراقبين بأن تصرفات رئيس الجمعية الشركسية العالمية هاوتي سوخروكوف بشأن تأييده غير المشروط للتعديلات الجديدة للدستور يعكس دعمًا غير مشروط للتعديلات الأخيرة من قبل جميع الشركس حول العالم تقريبًا. وهذا يشبه الى حدٍ كبير الزيارة التي تمت من قبل بعض شراكسة الوطن والشتات لمنشآت سوتشي الأولمبية في نهاية عام 2013 ضمن نشاط علاقات عامة قامت به السلطات الروسية بمؤازرة الجمعية الشركسية العالمية لإعطاء الانطباع بان الشركس لا يعارضون اقامة العاب سوتشي الاولمبية.

لقد قال فاليري خاتاجوكوف، رئيس مركز حقوق الإنسان الإقليمي في جمهورية قباردينو – بلكاريا: ”الجمعية الشركسية العالمية، لا بأيديولوجيتها ولا بطبيعة نشاطها الآن، لها علاقة بالتنظيم الذي وُجِد في التسعينيات، والذي كان برئاسة ممثلين بارزين عن الشعب الشركسي، مثل يوري كالميكوف، وأبو شخالياخو، وزاور نالوييف والعديد من الشخصيات الأخرى“. كذلك: ”دافعت عن مصالح الشراكسة أمام أجهزة السلطة للفيدرالية الروسية، وفي البلدان التي يتواجدون فيها بحجم عدة ملايين يعيشون في الشتات، وفي المنظمات الدولية“. وأضاف: ”تم تدمير الجمعية الشركسية العالمية الحقيقية في عام 2000، عندما رفض قادتها رفضًا قاطعًا محاولات سلطات قباردينو – بلكاريا للسيطرة عليها، باستخدام أساليب الابتزاز والرشوة والاضطهاد الجسدي“. وينهي: ”الشخصيات العامة الشركسية المستقلة التي تشترك في قناعات ديمقراطية وتسعى جاهدة للدفاع عن مصالح شعبها بأساليب قانونية حضارية لا تعترف بأنشطة هذه المنظمة وتعتقد أنها تحت السيطرة الكاملة للسلطات الروسية والخدمات الخاصة“. 

وتقول مدينا خاكواشيف، كبيرة الباحثين في معهد قباردينو – بلكاريا لأبحاث العلوم الإنسانية أن ”زعماء جمهورية قباردينو-بلكاريا أصبحوا يدركون الآن أن فقدان اللغات غير الروسية سيعني فقدان مكانة الجمهورية“. 

فبالرغم من كل المآسي التي اصابت الأمة الشّركسية، منذ احتلال وطنهم وإخضاعه، تعرض الشركس لظروف قاسية في جميع مناحي الحياة. لم يكن المؤرخين والأكاديميين المتخصصين في صورة الألم والمصير المأساوي والمعاناة التي لحقت بالشركس خلال الحرب ومنذ الاحتلال في عام 1864. ولم يكن بد من النهوض من تحت ركام الذكرى، للإبقاء على شعلة الحرية مضيئة لقيادة المسيرة، على الرغم من العقبات والمعوقات واستمرار محاولات الاستبعاد والإقصاء والتجاهل التي لم تنجح في مآربها على مر السنين.

ويمكن ذكر النداء الموجه الى ”الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا“ بشأن تعديل الدستور الروسي الذي ألغى إستيفاء الشروط التي سمحت لروسيا بالانضمام إلى مجلس أوروبا في عام 1994، حيث كانت لجنة البندقية المنبثقة عن مجلس أوروبا في عام 1993 التي استعرضت في حينه نص الدستور الروسي عندما توصلت إلى أن الدستور يتوافق مع ”مبدأ دولة القانون والديمقراطية“. وبذلك كان قد تم قبول الفيدرالية الروسية في مجلس أوروبا. لكن تعديلات الدستور الجديدة كان يُراد منها ”إدخال الفصل العرقي في روسيا والتمييز ضد السُّكان الأصليين والأقليات القومية“، وذلك يرفع من مكانة الروس العرقيين، ويعتبر الآخرين مواطنين من الدرجة الثانية. 

وجاء في رسالة لمنظمة وطنيو شركيسيا الى الأمين العام للأمم المتحدة ومقررة الأمم المتحدة الخاصة في مجال الحقوق الثقافية في موضوع تعديل الدستور الروسي، “تظهر عملية {التعديل} أن موقف السلطات العصرية في الفيدرالية الروسية يشبه موقف الأباطرة الروس في أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن العشرين“. وأضافت الرسالة: “نحثكما على اتخاذ جميع التدابير الممكنة لتهيئة الظروف للنظر في مسألة الاعتراف بالإبادة الجماعية للأديغه (الشركس) التي ارتكبتها الإمبراطورية الروسية أثناء وبعد الحرب الروسية – القوقازية“. واختتمت الرسالة بالقول: “نحن مقتنعون بأن الأديغه (الشركس) المُفْترى عليهم ولكن المعروفين سينهضون من جديد، وأن بلادهم — شركيسيا — ستصبح حضارية ومزدهرة مرة أخرى!“ 

كل ذلك يضفي المزيد من الاهتمام بقضية يجب مواصلة البحث في السبل التي تكفل الإنبعاث من جديد لمتابعة كافة الشؤون المتعلقة بما يجب عمله والتركيز عليه من اجل المطالبة بالحقوق المشروعة التي لا تسقط بالتقادم.




Comments